حقيقة الفصام | ما لا تعرفه عن مرض الشيزوفرينيا
15th أبريل 2021 / Written by Harbor London
مع زيادة تعقيدات الحياة الحديثة يسعى علماء النفس وأخصائيو الطب النفسي إلى سبر أغوار النفس البشرية والتوغل في دهاليزها المُعقدة؛ لفك طلاسم الاضطرابات النفسية والعقلية ومعرفة أسبابها وكيفية التعامل معها.
ومن ضمن هذه الاضطرابات مرض الفصام الذي يعاني منه نحو 20 مليون شخص في جميع أنحاء العالم؛ وهذا ما سنتحدث عنه في السطور القادمة؛ لنتعرف معاً عن ما هو الفصام؟ وما هي أسبابه؟
ما هو الفصام ’’Schizophrenia‘‘؟
الفُصام أو الشيزوفرينيا هو اضطراب عقلي حاد ومزمن يؤثر على سلوكيات المريض ومشاعره وإدراكه للواقع وعلاقته بالآخرين.
يشيع بين أغلب الناس اعتقادًا خاطئًا أن الشيزوفرينيا هي انقسامًا أو تعددًا في الشخصية؛ لكن حقيقة الأمر أن الشخص المصاب بالشيزوفرينيا يعاني من اضطرابات سلوكية إلى جانب أعراض مرض الذهان الذي يفقد فيه المريض اتصاله بالواقع ويبدو العالم له وكأنه خليط من الأفكار والصور والأصوات المربكة؛ ينتج عن هذا تغيرًا مفاجئًا ومروعًاً في السلوك يسمى “نوبة ذهانية”.
تختلف شدة مرض الشيزوفرينيا من مريض لآخر؛ إذ يعيش البعض حياة طبيعية نسبياً بين النوبات الذهانية، بينما البعض الآخر يعاني من مشكلات أكبر في الأداء وقد تزداد الأعراض سوءً مع مرور الوقت.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأشخاص المصابون بالشيزوفرينيا أكثر عرضةً للوفاة المبكرة بمقدار 2 إلى 3 مرات عن الأشخاص العاديين.
الفرق بين الشيزوفرينيا والفصام الوجداني
الشيزوفرينيا كما ذكرنا سابقً: هو مرض مزمن يعاني فيه المريض من اضطرابات سلوكية وأعراض مرض الذهان.
بينما الفصام الوجداني: هو مرض عقلي مزمن أيضًا، لكن فيه يعاني المريض من أعراض كلًا من الشيزوفرينيا واضطراب المزاج مثل الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب.
لا يعرف العلماء إذا كان الفصام الوجداني مرتبطاًً بشكل أساسي بالفصام أم باضطراب المزاج، لكن عادة ما يُنظر إليه على أنه مزيج منهما معاً.
الأعراض المبكرة لمرض الشيزوفرينيا
غالباً ما تظهر أولى علامات هذا المرض عند الرجال في عمر مبكر عن النساء؛ إذ يُصاب به الرجال في أواخر سن المراهقة أو أوائل سن العشرين.
بينما تظهر أعراضه عند النساء في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات من العمر. نادرًا ما يصيب الأطفال تحت سن 12 عاماً أو البالغين فوق سن 40 عاماً.
قد يكون من الصعب تشخيصه لعدة أسباب منها أن أعراضه تشابه إلى حد كبير التغيرات الطبيعية التي تحدث في حياة المراهقين.
الأعراض التي تظهر لأول مرة تحدث في فترة تسمى “الفترة البادرة للمرض” غالباً ما تحدث بعد سن البلوغ وتكون مجرد تغيرات سلوكية طفيفة، ويظهر بعضها أو كلها على المريض وتشمل:
- الانطواء والميل إلى العزلة.
- صعوبة التركيز وضعف التحصيل الدراسي.
- صعوبة النوم.
- الانفجارات المزاجية أو النوبات الانفجارية.
بعد أن تشتد حدة المرض؛ تزداد شدة الأعراض فتتأثر أفكار الشخص المصاب وتصرفاته وشعوره، ويمكن أن تظهر تلك الأعراض على المريض ثم تختفي، وتختلف من شخص لآخر.
الأعراض الإيجابية:
هي أفكار أو تصورات أو أفعال مبالغ فيها، ولا يستطيع الشخص المصاب التفريق بين الأفكار والتصورات الحقيقية والأوهام. معنى كلمة إيجابي هنا ظهور الأعراض على المريض وليس غيابها، وتشمل هذه الأعراض:
- الهلوسة: بأنواعها سواء الهلوسة السمعية أو البصرية أو الشمية أو اللمسية إذ يسمع الشخص أو يرى أو يشم أو يشعر بأشياء لا يشعر بها غيره.
- الأوهام: يعتقد الشخص اعتقادات خاطئة، ولا يتخلى عنها حتى بعد أن يحصل على دليل بأنها غير صحيحة مثل: الاعتقاد بأن هناك من يلاحقه أو بأنه شخص آخر (يعتقد بأنه ممثل مشهور أو رئيس) أو أن لديه قوى خارقة.
- يتحدث الشخص بشكل غير منظم واحياناً بكلمات غير منطقية، وقد لا يتمكن من متابعة كلامه مع الآخرين.
- من السهل أن يتشتت انتباه الشخص ويجد صعوبة في التركيز وترتيب الأفكار.
- وجود اضطرابات حركية؛ فقد يفعل الشخص نفس الحركات مراراً وتكراراً، وفي بعض الأحيان الأخرى يظل ساكناً وجامداً تماماً لمدة طويلة قد تمتد لساعات.
ما أسباب الفصام؟
حتى الآن لم يتوصل الباحثون لأسباب الفصام الرئيسة، لكن هناك بعض المشكلات وعوامل الخطر التي قد تلعب دوراً في الإصابة به مثل:
- العامل الوراثي أحد أهم عوامل التي تنبئ بالإصابة به.
- التغيرات الهيكلية في المخ قد تسبب حدوثه لدى البعض وليس الكل؛ فهناك من لديهم اختلافات في بنية المخ ولا يعانون منه.
- التغيرات الكيميائية في المخ: يُعتقد أنه في حالة وجود خلل في الناقلات العصبية المسؤولة عن إرسال الإشارات بين خلايا المخ (خاصة الدوبامين) يلعب دوراً هاماً في الإصابة بهذا مرض.
- يُعتقد أن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الشخص في أثناء طفولته قد تكون سبباً له مثل: سوء المعاملة أو الإهمال.
- مضاعفات الحمل والولادة تزيد من احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية ومنها الشيزوفرينيا مثل: حدوث عدوى في أثناء الحمل ونقص الوزن عند الولادة والولادة المبكرة ونقص الأوكسجين في أثناء الولادة وسمنة الأمهات في أثناء الحمل.
- تعاطي المخدرات والكوكايين والأمفيتامينات وغيرها من العقاقير المماثلة لا يُسبب مرض الشيزوفرينيا، لكن أظهرت الأبحاث أن هذه الأدوية تؤدي إلى ظهور أعراضه لدى الأشخاص الذين لديهم احتمال للإصابة به.
كل الأسباب السابقة هي عوامل تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، لكن لازال هناك حاجة للمزيد من الدراسات والأبحاث لمعرفة السبب الحقيقي له.
كيفية علاج الفصام
بعد أن يُشخص المالشخص المصاب أنه يعاني من الشيزوفرينيا؛ تبدأ مرحلة العلاج التي تستمر مدى الحياة حتى بعد أن تقل الأعراض. يكون علاج الفصام مزيجاً من:
- العلاج النفسي: لمساعدة الشخص المصاب على معرفة كيفية التعامل مع أفكاره وسلوكياته وكيفية التمييز بين الحقيقة والأوهام. يساعد أيضًا على تحسين التواصل الاجتماعي بين المريض والآخرين.
- الأدوية: التي يصفها الطبيب النفسي والتي تعد حجر الزاوية في علاج هذا المرض. يصف الطبيب أدوية مضادة للذهان للتحكم في أعراضه وقد يجرب الطبيب النفسي عقاقير وجرعات مختلفة لتحقيق النتائج المرجوة. قد تساعد مضادات القلق والاكتئاب في تحسين الحالة.
هناك بعض الحالات التي لا يجدي معها هذه العلاجات، وقد يضطر الطبيب إلى اللجوء إلى العلاج بالصدمات الكهربائية أو التحفيز العميق للدماغ.
ختامًا إن الفصام حاله كحال باقي الاضطرابات النفسية التي تحتاج إلى سرعة اللجوء إلى طبيب نفسي متمرس؛ لتجنب تدهور الحالة.
إذا كنت ممن يخافون نظرة الناس لمن يلجأ لطبيب نفسي؛ يمكنك التواصل مع مركز هاربور الذي يحافظ تماماً على سرية العميل ويوفر كل سبل الراحة له مع تقديم طرق مميزة للعلاج على يد مجموعة من خبراء والاستشاريين في الطب النفسي.
.