ما بين شفقة وتأنيب: نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان
20th ديسمبر 2024 / Written by Harbor London
يعاني مريض الإدمان في المجتمعات العربية الشرقية بدرجة أكبر من أي مجتمع آخر، يرجع ذلك إلى أن المجتمع -أو بالأحرى أغلب أفراده- يتعاملون مع الإدمان -وبالأخص إدمان المواد المخدرة- باعتباره فعل لا أخلاقي ناتج في الأساس عن ضعف الوازع الديني وطبيعة الشخص اللاهية والمستهترة، بينما الحقيقة على النقيض تماماً من ذلك وقد تم تصنيف الإدمان ضمن مجموعة الأمراض السلوكية التي قد يولد بها الإنسان وتجعل لديه استعداداً أكبر للسلوك الإدماني، كما أن بعض أنواع الإدمان قد تحدث بسبب أخطاء طبية في وصف بعض العلاجات النفسية.
بات الإدمان يُعرف من قبل المنظمات الصحية العالمية بأنه مرضاً مزمناً وليس سلوكاً منحرفاً أو إجرامياً، أمام تلك الحقيقة أصبح من الضروري أن تتغير نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان وزيادة الوعي حول مفهوم وطبيعة هذا المرض، خاصة أن تلك النظرة المجتمعة ذات تأثير سلبي بالغ وكانت سبباً في عرقلة وتأخر تعافي الكثير من حالات الإدمان.
التحديات التي تواجه مريض الإدمان في المجتمع العربي
المجتمعات العربية الشرقية ذات طبيعة محافظة تُعلي من قدر قيم المجتمع الأخلاقية والتعاليم الدينية وبطبيعة الحال ترفض كل ما يتعارض معهم رفضاً قاطعاً، لعل ذلك ما جعل نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان مُحملة بقدر كبير من اللوم والاتهام، بل يمكن القول بأن المجتمع العربي كثيراً ما يصور مرضى الإدمان كوحوش كاسرة تهدد أمن وسلامة الآخرين ومستعدة لفعل أي شيء مقابل الحصول على جرعة المادة المخدرة، لعل بعض الأعمال الدرامية كان لها في ترسيخ تلك الصورة عن مريض الإدمان بسبب تناولها السطحي ومناقشتها غير الموضوعية لهذه الظاهرة.
تتسم نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان بقدر كبير من السطحية والقصور ناتجان عن الجهل بطبيعة وأنواع الإدمان، لذلك فإن نسبة غير قليلة من المجتمع العربي يصنفون الإدمان كجريمة وليس كمرض ويتعاملون مع الشخص المدمن من هذا المنطلق، بينما البعض الآخر ينظر إلى ذويه وأسرته بشيء من الإشفاق باعتبار الفرد المدمن وصمة عار سوف تلتصق بجبينهم مدى الحياة.
فهم طبيعة مريض الإدمان
أوضحت الدراسات وأثبتت التجارب العملية أن الأسرة تلعب دوراً محورياً في عملية علاج الإدمان إيجاباً وسلباً، أي أنها إما تساهم في نجاح برنامج التعافي وتحقيق نتائج مثالية أو قد تكون سبباً في عرقلته وجعل الأمور أكثر سوءاً، فالأمر برمته يتعلق بمدى قدرتهم على فهم طبيعة مريض الإدمان وكيفية التعامل معه والأهم من ذلك استيعاب حقيقة أن الإدمان في المقام الأول عبارة عن مرض يتطلب العلاج وليس جرماً يستوجب العقاب.
يصاب أفراد الأسرة والدائرة المحيطة بالمدمن بشكل عام بحالة من الذعر والغضب عند اكتشاف إدمانه، هذا رد فعل طبيعي ومبرر لكن لا يجب الاستسلام له والانسياق ورائه، بل يجب الالتزام بالهدوء والإقرار بحقيقة أن مريض الإدمان شخص مختلف تماماً عمن كانوا يعرفونه سابقاً فالإدمان يغير كل شيء بالإنسان، قبل صب الغضب عليه أو توجيه اللوم لابد من فهم طبيعة حالته وأنه مريض يشعر بالعجز التام أمام مرضه، وأن رفضه لتلقي العلاج وإصراره على تعاطي المخدرات لم يعد رغبة في المتعة الزائفة بقدر ما هو خوف من الامتناع عنها.
يرى الخبراء في مجال علاج مرضى الإدمان والتأهيل النفسي أن الحوار هو الخيار الأفضل في تلك الحالة مع استخدام نبرة الإقرار وليس الاتهام، ومن ثم البدء في اتخاذ خطوات جادة في مساعدة مريض الإدمان على التعافي وتجاوز أزمته، وهناك سبيل واحد لتحقيق ذلك وهو التواصل مع مركز علاج الإدمان لبدء عملية العلاج وكلما كان ذلك مبكراً زادت فرص تحقيق نتائج أفضل خلال فترات زمنية أقل.
تأثير نظرة المجتمع على المدمن المتعافي
يمكن القول بأن نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان هي أحد العوامل الرئيسية المسببة لحالات انتكاس مرضى إدمان الكحول أو إدمان المخدرات بعد التعافي، ذلك لأن تلك النظرة غالباً ما تحمل الكثير من اللوم والاتهام وأحياناً تحمل شيئاً من الإشفاق، في كلا الحالتين يتسبب ذلك في إشعار مريض الإدمان -رغم تعافيه- بالغربة وبأنه منبوذاً من المجتمع ويُولد هذا لديه إحساساً باحتقار الذات ويُضعف ثقته بنفسه وقد يتطور إلى حد الدخول في نوبة من الاكتئاب الحاد، كل هذا قد يُعرضه للانتكاس ويتسبب في عودته مرة أخرى للإدمان بعد التعافي التام.
يؤكد الخبراء أن التعامل مع مريض الإدمان -سواء في مرحلة الإدمان أو مرحلة ما بعد العلاج- أمر بالغ الحساسية، فلابد أن يجد في أسرته ومجتمعه ملاذاً آماناً وعليهم أن يشملوه بالرعاية ويشعروه بالاحتواء عقب التعافي، فهذا الأمر من شأنه أن يقوي عزيمته ويزيده ثباتاً ويجعل إعادة اندماجه في المجتمع أكثر سهولة ويسراً، أما نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان باعتباره شيطاناً أو مرتكباً لذنب لا يُغفر بطبيعة الحال سوف تقود لنتائج عكسية، فكل ما يحتاجه هؤلاء المرضى هو بعض الرفق الرفق والتعامل ودعمهم نفسياً لتجاوز تجربتهم المريرة مع الإدمان.
طرق علاج الإدمان
نعتمد في مركز هاربور على نهج شامل وفريد في علاج حالات الإدمان بمختلف أنواعها، تبدأ مراحل العلاج بتقييم الحالة والكشف عن الأسباب والدوافع التي قادت إلى الإدمان وفي ضوء تلك النتائج يتم وضع مسار للتعافي خاص بكل مريض على حِدة، ويقوم البرنامج العلاجي على عِدة محاور تشمل التخلص من السموم وإدارة عملية انسحاب المخدر وكذا علاج الآثار البدنية والنفسية الناتجة عن تجربة الإدمان، ثم مرحلة التأهيل النفسي وتمكين المريض من تجاوز الأمر والاندماج في المجتمع مرة أخرى.
يستقبل مركز هاربور لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل مرضى الإدمان من منطقة الشرق الأوسط، ندرك تماماً أن نظرة المجتمع العربي لمريض الإدمان قد تكون سبباً في التأخر في طلب المساعدة والإقدام على العلاج، لذلك فإننا نلتزم بإخفاء هوية المريض تماماً وحماية خصوصيته، إلى جانب توفير أعلى مستويات الرعاية الصحية على مدار الساعة وإتاحة أماكن إقامة فاخرة طوال مدة الإقامة.
تواصل معنا الآن لتبدأ رحلة تعافيك مع هاربور.