صدمات الطفولة والإدمان

21st يونيو 2023 / Written by Harbor London

“تذكر دائمًا، إذا تم تشخيصك بمتلازمة الاضطراب النفسي بعد الصدمة (PTSD)، فهذا ليس دليلاً على ضعفك؛ بل هو دليل على قوتك، لأنك قد نجوت!”

صدمات الطفولة

في الحقيقة، وإذا عدنا أدراجنا إلى البداية، فإن معظم الأطفال يعانون من تجربة الصدمة منذ لحظة ولادتهم: أول تجربة للرضيع تكون عند مغادرته رحم والدته، ولاسيما إذا لم تكن عملية الولادة سلسة وخالية من المشاكل -كما هو الحال في العديد من الحالات- ثم عندما يتم فصل الطفل الصغير عن والديه وتكليف مربية أو وضعه في حضانة للمرة الأولى..

يمكن لصدمات الطفولة والتجارب السيئة المستمرة خلال رحلة نموّه أن تؤثر بشكل خطير أو تعيق النمو العاطفي لديه.

أما عن الصدمات المرتبطة في الإدمان، فإن مشاهدة العنف الأسري أو تربية طفل في بيئة غير مستقرة ومتقلبة من قِبَل شخص مدمن على الكحول أو المخدرات عادة ما تكون كافية لتغيير تطور الدماغ لدى الأطفال الصغار، مما يؤدي إلى القلق طويل الأمد والعديد من المشاكل الصحية العقلية الأخرى.

في المقابل، ليس بالضرورة أن ترتبط صدمة الطفولة بالتنشئة في بيئة يحطيها الإدمان بشكل حصري بل يمكن أن يعاني الطفل من والد (والدين) ثنائي القطب، مرض عقلي حاد أو اضطراب دماغي مثل التوحد.

وحتّى أنه وفي بعض الحالات، قد لا يكون لصدمات الطفولة علاقة كبيرة بالوالدين أو مقدمي الرعاية، على سبيل المثال، إذا كان الطفل في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، يمكن أن يشهد أو يتأثر بشكل مباشر بحدث شديد مثل الزلزال أو الهجوم الإرهابي…

وبلا شك، فإن تعرض الطفل لأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي أو العنف الجسدي، سواء كان ذلك حادثًا عرضيًا أو مستمرًا، سيدفعه لحمل عبء هذه الصدمة إلى مرحلة البلوغ وربّما طوال حياته، ما لم يتلقَ المساعدة المناسبة. ومن المؤسف أنه في كثير من الحالات، لا يتم تقديم هذا النوع من المساعدة الضرورية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى غرق ضحية الاعتداء في الإدمان. كما يمكن أن يتم تنشيط الصدمة الشديدة بسبب أي شيء يثير رعب الطفل.

ووفقًا للشبكة الوطنية للإجهاد النفسي للأطفال، “يمكن أن تشمل ردود فعل الصدمات مجموعة متنوعة من الاستجابات، مثل الاضطراب العاطفي الشديد والمستمر، أعراض الاكتئاب أو القلق، التغيرات السلوكية، صعوبات تنظيم التنفس، مشاكل التعامل مع الآخرين أو تكوين العلاقات، التراجع أو فقدان المهارات المكتسبة وصعوبات في التركيز والأداء الأكاديمي، الكوابيس، صعوبات النوم والتغذية، الأعراض الجسدية مثل الأوجاع والآلام غير المفسرة. قد يلجأ الأطفال الأكبر سنًا إلى تعاطي المخدرات أو الكحول، أو التصرف بطرق محفوفة بالمخاطر، أو المشاركة في أنشطة جنسية غير صحية”.

يواصل المؤلف للمقالة أعلاه قائلاً: “عادةً ما يعاني الأطفال الذين يواجهون ضغوط نفسية من هذه الأعراض عندما يتذكرون بطريقة ما الحدث الصادم. على الرغم من أن العديد منا قد يواجه ردود فعل تجاه التوتر من وقت لآخر، إلا أنه عندما يعاني الطفل من الضغوط النفسية تعيق هذه الردود الفعلية حياته اليومية وقدرته على الوظيفة والتفاعل مع الآخرين”.

كثير من الأشخاص الذين يسعون للحصول على مساعدة للتغلب على إدمان المواد الطبيعية أو السلوكيات (مثل القمار أو الإباحية مثلًا) يعانون من تاريخ كبير من الصدمات في الطفولة. ولهذا السبب، يتحدث الكثيرون الذين يسعون للتعافي عن تجاربهم في الطفولة والبلوغ أثناء محاولتهم التعافي.

هذا ما سنتطرق لهذا الموضوع بالتفصيل لاحقًا.

الصدمة والإدمان هما حالتان منفصلتان

على الرغم من أنه من المؤكد أن العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن مساعدة في علاج إدمان الكحول و/أو المخدرات لديهم تاريخ من الصدمات في الطفولة وسوء المعاملة الحادة في الطفولة، فمن الضروري أن ندرك أن الصدمة النفسية والإدمان هما حالتين منفصلتين.

الصدمة النفسية هي استجابة لحدث مؤلم بشدة يترك أثراً على الدماغ البشري. في حين أن الإدمان على الكحول والإدمان (إدمان المخدرات، إدمان القمار، إدمان الجنس، إدمان الطعام، على سبيل المثال) هو اضطراب مزمن للدماغ يدمره تدريجياً مع مرور الوقت في حال عدم تلقي العلاج الطبي المناسب.

قد يكون للشخص الذي يعاني من تاريخ صدمة فعلية اضطراب القلق أو الاكتئاب السريري، ولكنه لا يظهر أي علامات على إدمان الكحول أو أي سلوك إدماني آخر. قد يكون بإمكانه تناول كأس أو اثنين من النبيذ أو إجراء رهان في سباق الجائزة الكبرى ولا يشعر بالحاجة الملحة لتكرار ذلك أو التفكير فيه مرة أخرى. بينما لا يمكن لشخص يعاني من إدمان القمار أن يقامر بدون رغبات قوية وأفكار مهووسة تظهر بسبب “التصرف اللاشعوري”.

قد يكون لدى شخص يعاني من إدمان الكحول تاريخًا من الصدمات في الطفولة، ولكن ليس بالضرورة دائمًا. قد يكون بعضهم نشأ في بيت هادئ ومستقر، مع والدين ذوي ذكاء عاطفي. في الواقع، بعض الأشخاص الذين تعافوا من الإدمان منذ عقود عديدة، ولديهم أطفال في حالة تعافٍ (بالتالي تربيتهم على يد والدين متعافين)، شاهدوا أبناءهم يكافحون مع إساءة استخدام الكحول والاعتماد عليه.

ولهذا السبب، يتم ربط الإدمان، وخاصة الاعتماد على الكحول، بشكل متزايد بالجينات والبيئة الاجتماعية، فالوراثة تلعب دورًا حيويًا بلا شك. وفقًا للمكتبة الوطنية للطب (المركز الوطني لعلم الأحياء الحيوية): “تؤثر العوامل الوراثية على المخاطر ليس فقط فيما يتعلق بالاعتماد على الكحول، ولكن أيضًا في مستوى استهلاك الكحول والمخاطر المرتبطة بالأمراض المرتبطة بالكحول، بما في ذلك تليف الكبد وسرطان الجهاز الهضمي العلوي.”

يواصل المؤلف قائلاً: “من المحتمل أن الاعتماد على الكحول واضطرابات استخدام الكحول تعود إلى اختلافات في مئات الجينات، والتفاعل مع بيئات اجتماعية مختلفة، تمامًا كما هو الحال في معظم الأمراض المعقدة”.

التعافي من صدمة الطفولة والإدمان

يمكن للفرد أن يشفى ويتعافى بالفعل من كل من الصدمات والإدمان. يمتلك الدماغ البشري قدرة رائعة على التعافي وإعادة برمجة نفسه. الدماغ بحد ذاته عبارة عن عضو يتغير باستمرار، خاصة عند تعرضه لتجارب و/أو بيئة جديدة. في فترة التعافي، يمكن للأفراد تقليل التوتر والقلق والاكتئاب والتغلب على السلوكيات التي تسبب الإدمان. من الممكن إجراء الاتصالات بوعي في المناطق العليا والسفلى من الدماغ من خلال العلاج ومجموعات الدعم والتأمل، وإذا لزم الأمر، يتم مراقبة الأدوية بعناية. يشار الآن إلى إعادة توصيل الخلايا العصبية في الدماغ بالمرونة العصبية.

في كتاب كريستوفر دينز “التعافي من إدمان المخدرات”، كتب الدكتور رودولف إي. تانزي، أستاذ علم الأعصاب في كلية هارفارد الطبية، والذي عزل أول جين لمرض الزهايمر، في فصل التمهيد: “هذا الفهم الأساسي للدماغ مهم جدًا لأولئك الذين يعانون من سلوك إدماني، لأن الإدمان بجميع أشكاله يجعلنا عرضة للسلوك القهري والاندفاعي. لكي تشفى جروحك العاطفية وتتحول من وضع البقاء إلى وضع الازدهار، فمن الضروري ألا تحاول تحرير أو تنقية أو تنظيم أفكارك وعواطفك – مهما كانت محزنة أو مؤلمة. سواء كنت تعاني من الحزن أو تتكيف مع صدمة أو فقدان كبير، تعلم أن المفتاح ليس في محاولة السيطرة على مشاعرك، ولكن في الجلوس على قمة الجبل الجميلة للوعي ومجرد المراقبة بدون الحكم. عندما تتعامل مع ألمك العاطفي بهذه الطريقة، فإنك تحقق توازنًا تلقائيًا بين دماغك الغريزي والمناطق العليا من دماغك العاطفي والفكري”.

في هاربور، نحن ندرك إلى أي مدى يمكن أن تكون آثار صدمات الطفولة خطيرة ومستمّرة: ذكريات الماضي للأحداث الصادمة، الكوابيس والشعور بالذنب والعار مما قد يجعل الاندماج في المجتمع والأداء الفعال أمرًا صعبًا للغاية.

لكن هذا لا يعني أن تمر بهذه التحديات بمفردك! إذ يمكن في نهاية المطاف القضاء على العديد من هذه الأعراض من خلال العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.

يتّبع مركزنا الطبي نهجًا شاملاً ومتكاملاً للعلاج، مع التركيز على أعراض ومؤثرات وأسباب صدمات طفولتك /اضطراب ما بعد الصدمة/ واضطراب ما بعد الصدمة المعقد.

فيما يلي بعض العلاجات المستخدمة لعلاج هذه الحالتين اللتين ناقشناهما، والتي تقدمها هاربور لعملائنا.

نحن نقدم 24 نوعًا من العلاجات بقيادة فريقنا المتميز من المتخصصين. إليك بعضها:

  • علاج EMDR
  • الاستيعاب الواعي
  • التأمل
  • اليوغا
  • العلاج النفسي الديناميكي
  • العلاج التابعي
  • علاج أنظمة العائلة
  • العلاج بالتنويم المغناطيسي
  • علاج الأشقاء البالغين
  • العلاج الإدراكي

يمكن لخبرائنا أن يستفيدوا من أوسع قائمة لخدمات العلاج في العالم لمساعدتك على التعافي وإنشاء برنامج متين لمرحلة ما بعد العلاج لدعم إعادة الإندماج في الأسرة ونمط الحياة الخاص بك. نحن ندرك مدى صعوبة التعامل مع الإدمان وصدمات الطفولة، لذلك نحن هنا لمساعدتك.

يرجى التواصل معنا لتبدأ رحلة العلاج والتشافي!

المراجع:

 

  • https://www.goodreads.com/quotes/571429-always-remember-if-you-have-been-diagnosed-with-ptsd-it
  • https://www.imdb.com/title/tt0082766/
  • https://www.google.co.uk/books/edition/The_Absorbent_Mind/MiCaAwAAQBAJ
  • https://www.nctsn.org/what-is-child-trauma/about-child-trauma
  • https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4056340/
  • https://www.positivepsychology.com/neuroplasticity/
  • https://www.google.co.uk/books/edition/Drug_Addiction_Recovery_The_Mindful_Way/QCGKDwAAQBAJ
  • https://www.massgeneral.org/neurology/research/tanzi-lab-genetics-and-aging
  • We are here to help