جنون العظمة ليس مجرد غرورًا!

15th أبريل 2021 / Written by شهيرة كمال

دائمًا ما نشجع أنفسنا بقول أنا بطل واستطيع مجابهة أي شيء، واستطيع فعل كذا وكذا، ويعد هذا نوعًا من أنواع تحفيز النفس على التصدي للظروف المحيطة. لكن عندما يبالغ البعض في هذا الأمر، ويعتقد بأنه قادر على فعل أشياء خيالية وخارقة يعجز عنها غيره ولا تمت للواقع بصلة، هنا لابد أن يدق ناقوس الخطر؛ ليعلن عن وجود اضطراب عقلي لدى هذا الشخص يسمى مرض جنون العظمة.

يعد هذا المرض أحد الاضطرابات النفسية الشائعة، وغالبًا ما يعتقد البعض بأنه هو نفسه البارانويا، لكن هل هذا صحيح أم لا؟ هذا ما سنستكشفه معًا في السطور القادمة…

الفرق بين البارانويا وجنون العظمة؟

يختلف كلا من البارانويا وجنون العظمة في علم النفس من حيث التعريف إذ إن:

 البارانويا

هي جنون الارتياب الذي يعد نمطًا غير منطقي من أنماط التفكير، يؤدي عادة إلى الشعور بالقلق الشديد والخوف المرضي وفقدان الثقة بالناس والشك بالمحيطين.

يعتقد مريض البارانويا دئمًا بأنه مضطهد ممن حوله، أو يشعر بالتهديد منهم، أو يعتقد أنهم يحيكون ضده المؤامرات رغم عدم وجود دليل على ذلك.

في البداية يشعر المريض بشعور خفيف من عدم الراحة، ثم يتدهور الأمر إلى اضطراب شديد ومزعج في التفكير يشير إلى أن صحة المريض العقلية في خطر شديد.

يرتبط حدوث البارانويا بالعديد من الاضطرابات النفسية مثل:

بينما جنون العظمة

يعرف جنون العظمة في علم النفس أيضًا باسم الاضطراب الوهمي. يتسم بمعاناة المريض من معتقدات غير عقلانية مثل:

  • اعتقاده بأنه شخص خارق يستطيع فعل ما يعجز عنه البشر.
  • أنه شخص مشهور ويحتل مكانة عالية في المجتمع وهو غير ذلك.
  • أنه يمتلك مهارات سحرية مثل قراءة العقول.

تبدو هذه المعتقدات غريبة بل ومستحيلة وليس لها علاقة بالواقع، إذ إن وهم العظمة هو أكثر من مجرد غرور أو تقدير عالي للذات أو شعور مبالغ فيه بأهمية الذات، وإنما يُمثل انفصالًا كبيرًا عن العالم الحقيقي ويستمر المريض بالاعتقاد في الوهم رغم تناقض الأدلة.

ذكرنا سابقًا أن حدوث البارانويا يرتبط بحدوث جنون العظمة؛ لذا هناك حالة مرضية تسمى بارانويا جنون العظمة فيها يشعر المريض بأنه شخص خارق قادر على تحقيق المستحيل، وبأن الجميع من حوله يحيكون ضد شخصه العظيم المؤامرات ولا يمكن لأي شيء (حتى ولو بالأدلة) إقناعه بأن ما يعتقده أو يشعر به غير صحيح.

إن الشخص المصاب بأوهام العظمة أو البارانويا ولا يعاني من أي أعراض أخرى مثل الهلوسة السمعية والبصرية؛ يستطيع أن يباشر حياته اليومية بشكل طبيعي لكن قد تتأثر حياته الاجتماعية وتصبح في إطار ضيق جدًا ومعزول.

أعراض بارانويا جنون العظمة

ليس كل من يعاني من بعض الأفكار المزعجة من وقت لآخر يكون مصابًا بجنون الارتياب والعظمة؛ لذا لابد من أن تستمر هذه الأفكار غير المنطقية أو المبررة لفترة طويلة.

غالبًا ما تصاحب أعراض أوهام العظمة أعراض بعض الأمراض العقلية مثل الفصام واضطراب ثنائي القطب وجنون الارتياب.

تشمل أعراض بارانويا جنون العظمة:

  • أهم الأعراض هي الهلوسة والشعور الوهمي بالتفوق والعظمة.
  • صعوبة الانسجام مع الآخرين بسبب الوهم.
  • يشعر المريض بأنه ضحية للآخرين طوال الوقت.
  • إساءة الفهم دائمًا، والشعور بالاضطهاد.
  • عدم الثقة بالآخرين؛ مما يؤدي إلى العزلة والانطواء.
  • العلاقات السيئة مع الآخرين بسبب عدم الثقة.
  • الإصرار على الإيمان بالأوهام رغم مخالفة الأدلة.
  • نبذ الأشخاص الذين يرفضون قبول اعتقاده الوهمي والشعور بالغضب منهم.
  • المحاولات المستمرة لإقناع الآخرين بقبول معتقداته.
  • التصرف كما لو كان اعتقاده صحيحًا.
  • الاضطرابات المزاجية مثل الغضب والعصبية.
  • قد يعاني المريض من الهلوسة أحيانًا.

أسباب مرض جنون العظمة النفسي

هناك العديد من الأسباب بما في ذلك بعض أمراض الصحة العقلية تزيد احتمالية الإصابة به مثل:

  • الفصام أو الشيزوفرينيا (نحو 50% من مرضى الفصام قد يعانون من أوهام العظمة).
  • اضطراب ثنائي القطب (ثُلثي مرضى هذا الاضطراب يعانون من أوهام العظمة).
  • الأوهام.
  • اضطراب الشخصية النرجسية.
  • تدهور حالات الخرف.
  • إصابات الدماغ.
  • العامل الوراثي.
  • وجود خلل في النواقل العصبية في الدماغ.
  • تعاطي المخدرات.

 

التشخيص

لا يوجد اختبار معين يؤكد إصابة المريض بأوهام العظمة أو ببارانويا جنون العظمة.

لكن يأخذ الطبيب النفسي تاريخًا مفصلًا عن الأعراض النفسية والعقلية للمريض ويستبعد الأسباب الطبية الأخرى لتشخيص المرض.

يجب أن يكون التشخيص على يد طبيبًا متمرسًا وخبيرًا في الاضطرابات النفسية، وهذا ما يوفره لك مركز هاربور مع توفير جلسات فردية؛ لتوفير الخصوصية وتقديم أفضل وأدق خدمة علاجية فهناك فروق فردية بين مرضى أمراض الصحة النفسية.

علاج مرض جنون العظمة النفسي

قد يكون من الصعب علاجه؛ لأن الأشخاص الذين يعانون منه لا يؤمنون بأن معتقداتهم مجرد أوهام وعادة ما يقاومون العلاج.

غالبًا ما تكون الأدوية المضادة للذهان أحد العلاجات المفيدة لعلاج أوهام العظمة، وقد يحتاج مرضى الاضطراب ثنائي القطب إلى تناول الأدوية التي تساعد على السيطرة على الحالة المزاجية.

هناك عدد ضئيل من الأدلة على وجود علاج فعال لاضطرابات التوهم، ومع ذلك يساعد العلاج المرضى على التعامل مع أوهامهم، وغالبًا ما يكون علاج طويل المدى.

الهدف من العلاج هو تقليل الأعراض والتحكم بها، ومساعدة المريض على مواصلة حياته بأكبر قدر من الالتزام ومنع تدهور حالة المريض.

يتضمن العلاج أيضًا جلسات العلاج النفسي التى تساعد المريض على تطوير مهارات أفضل في التأقلم مع الآخرين والتواصل معهم، وتعليمه طرق مختلفة للتحكم في مشاعره والتعبير عنها وتطوير ثقته في الآخرين.

أخيرًا يمكن أن يتأثر مرض جنون العظمة النفسي بالعوامل الثقافية والأشياء التي يؤمن بها الشخص، ويختلف أيضًا من ثقافة لأخرى إذ إن ما يعد وهمًا في ثقافة بعض المجتمعات قد لا يكون كذلك في ثقافة مجتمع آخر.

 

في حالة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب أو أي اضطراب آخر في الصحة العقلية ويعانون من أعراض أوهام العظمة السابقة؛ ينبغي لهم إبلاغ طبيبهم النفسي بهذه الأعراض؛ حتى يتمكن الطبيب من مساعدتهم في الحفاظ على سلامتهم النفسية والعقلية والتأكد من حصولهم على الرعاية والعلاج الصحيح.